الاعتذار ثقافة يجب تنميتها؛ فلأننا قدوة لأبنائنا يجب أن يبادر الآباء في الاعتذار لأبنائهم حال الخطأ في حقهم، لكن الكثيرين يرفضون الاعتذار لأولادهم، وآراؤهم في ذلك تتنوع بين من يعتبرون الاعتذار يقلل من هيبتهم ومكانتهم لدى أبنائهم، وأن ما يفعله الآباء هو الصواب دائما، بحسب ثقافة المجتمع، وأنه لا يمكن للأب أن يعترف بأخطائه أمام أولاده.وبحسب تقرير فإن المختصين يخالفون ذلك ويعتبرون الاعتذار من أصول التربية، ويجب أن يكون الأب نموذجا صالحا وليس متسلطا لكي لا ينعكس سلوكه على ابنه عندما يكبر ويصبح مسؤولا.ويرى الاختصاصيون أن للاعتذار إيجابيات؛ حيث يخلق نوعا من التواصل بين الآباء والأبناء، ويقلل فكرة صراع الأجيال، كما يفتح الطريق لمناقشات جادة بين الأب وابنه، ويقلل من العنف عند الأطفال، ويعطي شعورا للطفل بأنه شخص مسؤول.وتستدرك اختصاصية علم النفس والعلاقات الأسرية الدكتورة عبلة مرجان في التقرير بأن أسلوب الاعتذار يختلف من الأب إلى ابنه عنه من الابن إلى أبيه، وتشدد على أن ثقافة الاعتذار تنبع أصلا من الاعتراف بالقانون واحترامه، وبالتالي فمن يكسره ويخالفه يجب أن يعتذر.وطبيعة الثقافة التي تربينا عليها لا تحبذ هذه الوسيلة في التربية، وقد يأخذ الموضوع نوعا من المكابرة؛ فيستعيض عنه الأهالي بتقديم هدية أو رحلة للتكفير عن أخطائهم بحق أولادهم.واضاف الدكتور على الحرجان "اختصاصي علم النفس والاجتماع" الذي وصف أعداء ثقافة الاعتذار بالجهل وضعف الشخصية والتسلط وعدم الاعتراف بالآخر، مشيرا إلى أن صفة الاعتذار "من ميزات المثقفين".وأوضح أن ثقافة الاعتذار تكتسب من الأعلى للأدنى؛ فالأبناء يكتسبونها من الأب والأم، والتلاميذ يكتسبونها من المدرسين، والمدرسون أنفسهم يتأثرون بمدير المدرسة، والمجتمع يكتسبها من الحاكم والمسؤولين عموما؛ مدللا باعتذار كلينتون الشهير للمجتمع على كذبه في فضيحة مونيكا لوينسكي في فترة رئاسته، وبموقف اعتذر خلاله بروفيسور بجامعة أجنبية لتلميذ له حينما اتضح أن رأي التلميذ هو الصواب في نهاية جدل علمي بينهما، وأضاف الحرجان: إن مجتمعنا يفتقر إلى ثقافة الاعتذار، وهي جزء من أساسيات التربية، من فيجب أن نغرسها، فليس من العيب أن يقف المخطئ أمام الجميع ليعترف بخطئه، والأهم أن يتقبل المجتمع الإنسان الصادق؛ فالاعتذار وسيلة لإصلاح الفرد وليس تدميره.وشدد الحرجان على أن الاعتذار لا يعني التقليل من شأن المعتذر، ولكنه إصلاح لخطأ، ولا يشترط فيه داخل البيت أن يجمع الأب الأسرة كلها للاعتذار لطفله أمامها، فالأهم إقناع الطفل بالاعتذار، وذلك بحسب واقع الأسرة، وربط سلوك الاعتذار بالشجاعة، وبأنه رد سوي على فعل غير سوي.